كيف تتعامل مع فقدان شخص عزيز بالموت؟
طرق التخلص من شعور الحزن على الميت:
حدادا على وفاة زوجته، وصف كاتب القرن العشرين سي إس لويس الحزن بأنه “حاجز غير مرئي بينه وبين العالم”. بالنسبة لمعظم الناس، يزول هذا الحاجز بمرور الوقت، لكن بالنسبة للبعض، يستمر ألم موت شخص عزيز لسنوات. الجميع سيتعرَّض لهذه الأزمة، أو ربما قد تعرَّض لها خلال وقت ما سابق من حياته، أزمة أن تمتد يد الموت لتأخذ شخصا مُقرَّبا منك أو عزيزا عليك، قد يكون هذا الشخص هو الجد أو الجدة خلال مرحلة مُبكرة من عمرنا، أو الأب أو الأم لاحقا حينما نصبح أكبر سِنًّا. هذه أزمة لا تتعلَّق بفئة مُحددة، كلنا سيفقد شخصا يحبه في مرحلة ما من حياتنا، وغالبا ما يُصيبنا ذلك الشعور أننا لا نستطيع المُضي قُدما في حياتنا.
لا تنحصر الخسارة في الموت، بل تتوسع لتشمل فقدان الحلم والصداقة والهدف في الحياة. لذا يعد الحزن بمثابة استجابة صحية للخسارة. ومع ذلك، لا يدرك الكثيرون مدى التأثير الذي يحدثه الحزن بشكل مفرط على امتداد العمر.
وفي تقرير نشرته مجلة “سايكولوجي توداي” الأميركية، قال الكاتب جو كورت إن العديد من الحكم القديمة والتقاليد تناقش فكرة الخسارة والمعاناة والحزن باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الحياة، حيث إن أولئك الذين يعانون من الفقد لا بد أن يحزنوا ويدخلوا في حداد.
-طرق التخلص من شعور الحزن على الميت:
التعامل مع فقدان شخص عزيز على القلب أمر صعب ومؤلم. إليك بعض الطرق التي قد تساعدك على التعامل مع هذا الحزن:
- السماح للحزن بالتدفق: لا تكمم مشاعر الحزن أو تحاول قمعها. اسمح لنفسك بالبكاء والعبر عن مشاعرك بصدق، فالحزن طبيعي ومهم في عملية التغلب على فقدان الشخص العزيز.
- البحث عن الدعم العاطفي: لا تخفِ أن تطلب الدعم من الأصدقاء والعائلة. الحديث مع شخص مقرب يمكن أن يساعدك في تخفيف الألم والشعور بالدعم والاحتواء.
- تجنب العزلة الاجتماعية: قد يكون الانغماس في العزلة الاجتماعية وحبس الدموع سيئًا للتعافي. حاول الحفاظ على اتصال اجتماعي مع الآخرين وقضاء الوقت مع أحبائك.
- الحفاظ على صحتك النفسية والبدنية: حاول أن تأخذ الوقت للعناية بنفسك وصحتك النفسية والبدنية. ممارسة الرياضة والتأمل والتغذية الصحية قد تساعد في تقوية قوتك الداخلية.
- الممارسات الروحانية: إذا كانت الممارسات الروحانية تلهمك وتجلب لك الراحة، فقد تكون مفيدة أيضًا. الصلاة، والتأمل، والتفكر في الأمور الروحية قد تساعد على التخفيف من الحزن.
- السماح للذكريات بالبقاء: احتفظ بالذكريات الجميلة واللحظات المشتركة مع الشخص العزيز. لا تحاول تجاهل هذه الذكريات بل استخدمها كمصدر للقوة والعزاء.
- الاستفادة من الدعم المهني: في بعض الأحيان، قد تحتاج إلى دعم مهني للتعامل مع الحزن والصعوبات النفسية التي يمكن أن تنجم عنه. الاستعانة بمساعدة محترفة من خلال مشورة نفسية أو جلسات علاجية قد تكون مفيدة.
- قبول واقع الخسارة:
الإنكار يمكن أن يخدم غرضا يتمثل بالسماح للشخص بامتصاص خسارته ببطء. وينبغي مواجهة الخسارة وقبول حقيقة أنها حدثت، فالقبول هو الاستسلام للواقع كما هو. لذلك عليك الاعتراف بالخسارة وعدم التظاهر بأنها لم تحدث. فالقبول هو الخطوة الأولى نحو التكيف والمضي قدما. - تجربة ألم الحزن:
مشاعر الحزن والألم طبيعية، لكن من غير الطبيعي قمع تلك العواطف. لذا يجب مواجهة الألم الناتج عن الخسارة والسماح للعاطفة بالتسلل للوعي واتخاذ الخطوات المناسبة لمعالجة المشاعر. يمكن الاستعانة بصديق موثوق أو أحد أفراد الأسرة. كما يمكن مواجهة الألم بالكتابة أو الرسم. - التكيف مع فقدان أحد الأحباء:
قد يشعر المرء بأن التكيف مع الحياة بعد فقدان شخص عزيز بمثابة خيانة لهم. في الحقيقة، يمكن أن يترك هذا النوع من التفكير الناس عالقين، لذلك ينبغي التكيف مع الوضع الطبيعي الجديد، وهو ما يستلزم إعادة هيكلة ما تقوم به دون أن يكون الشخص الذي تحب في الصورة. - صلة “الميت” أثناء الشروع بحياة جديدة:
الفرح والدفء الذي قد تعيشه مع أحد أحبائك المتوفين يبقى دائما مرافقا لك، لذلك ينبغي محاولة التفكير في الوقت الذي قضيته معهم كهدية، بدلا من التركيز على الخسارة. ابدأ حياة جديدة، لكن حافظ على تلك اللحظات والذكريات العزيزة كمصدر للبهجة والقوة. - شاهد أيضا :
- كلام حزين عن الخيانة والفراق
- عبارات جميلة عن الحجاب
-أقوى الطرق التي تساعد في التخلص من شعور الحزن على الأموات:
- إشغال النفس من الضوروي الاهتمام بإشغال النفس، والذهاب للتجمّعات، أو لزيارة الأقارب، أو الأصدقاء المقربون، خلال الأوقات التي يشعر فيها الفرد بالوحدة، أو بالأوقات التي يتذكر فيها موت شخص غالٍ عليه.
- فعل الأمور الإيجابية والمفيدة التي تذكر بالشخص الميت يجب التركيز على الأمور الإيجابية حول علاقة الإنسان بالشخص العزيز عليه والذي فقده، ويتم ذلك من خلال تذكر أغلب الأوقات التي كانت تجمعهما، عوضا من التركيز على فقدانه، ويمكن كتابة رسالة إلى هذا الشخص، أو قصة قصيرة تتحدث عن بعض الذكريات، ويبقى يضيف أي أحداث تجول في خاطره في أي وقت يشاء.
- ممارسة عادة جديدة يجب أن يبدأ الفرد بعادة جديدة تساعده وتواسيه على فراق الراحل: مثل التبرع لمنظمة خيرية باسم الشخص الراحل في المناسبات أو الأعياد، أو زراعة شجرة تقديرًا لروحه.
- الاتصال والتواصل على الإنسان الحزين جراء فقدان عزيز عليه بالموت أن يبحث عن شخص آخر يقوم بتشجيعه للتحدث عن كل ما يجول في خاطره عن فقدانه لهذا الشخص الراحل، والاهتمام بالتواصل مع أشخاص داعمين، مثل علماء الدين، والأفراد في العلاقات الاجتماعية، والانضمام لإحدى فرق الدعم في حالة الفراق.
- الشعور بالعواطف من الطبيعي الشعور بالحزن وفهم معنى الرحيل الأبدي لشخص عزيز للغاية، ولكن على الإنسان السماح لنفسه تجربة السعادة والشعور بالفرح، من خلال احتفاله بالأوقات الخاصة، وقد يجد نفسه يجمع بين دموع الضحك ودموع البكاء في آنٍ واحد وهذا شعور طبيعي.
- السماح للنفس بالحزن من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالحزن والضياع عن فقدان شخص عزيز عليه، فيجب ألّا يشعر بالغضب من نفسه لأنه يشعر بالحزن، يجب أن يذكر نفسه بالنهوض مرة أخرى، وأن يتغلب على الخسارة التي حصلت له، فالحزن هو شعور إنساني طبيعي يساعد الإنسان على التكيف مع الموت ومع الأحداث الصعبة الأخرى.
- إعطاء الوقت الكافي للشعور بالحزن من الطبيعي أن يسعى المرء لطرد الحزن وإبعاده عنه من خلال تشتيت انتباهه بأمور أخرى، ولكن قد لا تكون هذه الطريقة فعالة في بعض الأوقات، لأن شعور الحزن سيعود مرة أخرى، وكلّما قام بتجاهل هذه المشاعر كلما أصبح بحاجة إلى وقت أكثر للتخلص منها، لذا من الضروري التعايش مع هذه المشاعر بعد الحادثة حتى يتسنى له التعامل والتحكم بهذه المشاعر.
- التفكير بطريقة إيجابية من المؤكد أن الشخص الفائد لعزيز عليه يبقى يتذكره دائمًا ولكن يجب أن يبقى مستحضرًا لكافة الأوقات والأحداث التي كان يستمتع بها هذا العزيز الذي فقده، ويتذكر شخصيته الإيجابية التي كان عليها قبل وفاته، وأن هذا الأمر سيجعله سعيدًا في قبره، بدلًا من التفكير في الفقد نفسه.
- قبول المساعدة من الأشخاص الآخرين من الضروري الاستماع إلى مشاعر الأشخاص الآخرين وعدم الغضب والحزن إذا لم يقتنع الفرد بكلامهم، فقد يحاول الكثير من الأشخاص مساعدة الشخص الحزين على الميت في الخروج من حالة الحزن التي يعيشها من خلال توكيله ببعض المهام مثلًا، من الضروري حينها يجب تقبل محاولاتهم، والاقتناع بأنها طريقتهم الخاصة في التعبير عن حبهم.
-طرق أخرى للتخلص من الحزن على الميت من الطرق الأخرى للتخلص من الحزن على الميت:
في مواجهة الحزن:
يقترح بعض الباحثين “الكتابة” بوصفها حلا للتعامل مع هذه المشاعر، يقول عالم النفس جيمس بونيباكر، من جامعة تكساس في أوستن، إن الكتابة عن الاضطرابات العاطفية يمكن أن تُحسِّن الصحة الجسدية والعقلية.(12) للقيام بهذا حدِّد ما تُفكِّر فيه وتشعر به، واكتب عن نقاط قوتك الشخصية، سيساعدك هذا على رؤية الصورة كاملة، والتعافي من المشاعر السلبية.
الدعم الاجتماعي هو أداة أخرى يمكن أن تكون حاسمة في المساعدة على تجاوز الحزن، بدلا من التورُّط أكثر فيه، لكن هذا يُمثِّل مشكلة في وقت يُنصح فيه بالتباعد الجسدي، حيث يُعزَل الناس في منازلهم بعيدا عن أحبائهم، يقول الدكتور روبرت نيمير: “خلال هذا الوقت، قد يكون هناك تآكل في الدعم الاجتماعي والأدوار الاجتماعية ذات المغزى التي تدعم هوياتنا”. لتجاوز ذلك، يمكن تشجيع الناس على البقاء على تواصل دائم مع شبكات الدعم الاجتماعي الخاصة بهم من خلال المكالمات الهاتفية والرسائل النصية ودردشة الفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي. تقول إريكا فيليكس، عالمة نفس في جامعة كاليفورنيا، التي تُعالج الناجين من الصدمات والكوارث: “شيء واحد تعلَّمناه من الكوارث، وهو الأهمية المستمرة للدعم الاجتماعي”.(13)
تُخبرنا الوقائع أن معظم الناس يمكنهم التعافي من الشعور بألم موت أحبابهم بمرور الوقت إذا كان لديهم دعم اجتماعي وعادات صحية. قد يستغرق الأمر شهورا أو عاما للتكيُّف مع الوضع الجديد. لا توجد فترة زمنية “قياسية”، فقد يُعاني بعض الأشخاص من الحزن لفترات أطول ويشعرون بأنهم غير قادرين على القيام بالأنشطة اليومية. كذلك تُخبرنا الأبحاث أن فترة الحداد على وفاة شخص عزيز يمكن أن تكون حافزا لإحساس مُتجدِّد بالمعنى الذي يجعلنا أكثر إدراكا وفهما لأهدافنا واتجاهنا في الحياة، وفي هذا السياق، تُشير الدراسات إلى أن هناك أمرا مركزيا بالغ الأهمية في الحزن، وهو الرغبة في إعادة الإعمار استجابةً للشعور بالخسارة أو الفقد، وهو ما يمكن اعتباره حافزا جديدا للحياة والاستمرار.(14)
حسنا، إليك نصائح عملية حول ما يمكنك فعله خلال هذه الفترة العصيبة: بداية، عليك أن تتحدَّث وتشارك أفكارك ومشاعرك مع الآخرين، التحدُّث سيساعدك على التعبير عن مشاعرك، كما أنه سيساعدك على إدراك ما حدث وتجنُّب إنكاره، في حين أن العزلة ستؤخر التعافي، لذلك عليك أن تتجنَّبها.
عليك أيضا أن تتقبَّل مشاعرك، فقد تواجه خلال هذه الفترة مجموعة متداخلة من المشاعر، مثل الحزن أو الغضب أو حتى الإرهاق، كل هذه المشاعر طبيعية وعليك تقبُّلها. يمكن أن يساعد تناول الأطعمة الصحية وممارسة الرياضة والحصول على قسط كافٍ من النوم في الحفاظ على صحتك الجسدية والعقلية، هنا يجب معرفة أن عملية الحزن تؤثر سلبا على أجسادنا، كما أنها تؤثر على فعالية الجهاز المناعي، وتترك الجسم أكثر عُرضة للإصابة بالأمراض، لذلك يجب الاعتناء بنفسك والحرص على الحصول على الرعاية الذاتية الأساسية خلال هذه الفترة.(15)
- التكلم عن قصص وحكايا مشتركة مع الشخص الميت. التعبير عن المشاعر بطريقة مباشرة حتى وإن كان من المؤلم التكلم عنها.
- مشاركة العائلة والأصدقاء تناول طعام، أو نشاط رياضي، أو هواية كان الشخص الميت يحبها ويشعر بالاستمتاع خلال القيام بها.
- التفاعل مع العائلة والقيام بعمل جيد إحياءً لذكرى الميت.
– تقبل مشاعرك:
لعلّ هذه الخطوة هي الأهم على الإطلاق في تجاوز أيّ نوع من الحزن أو المحن التي يمرّ بها الفرد. لاشكّ أن فقدان شخص عزيز هو أمر صعب للغاية، ومن الطبيعي أن تشعر بالحزن والاستياء، لذا لا تغضب من نفسك أو تجلد ذاتك لأنك تحسّ على هذا النحو، ليس هذا وحسب، تجنّب ترديد عبارات مثل: “يجب أن أتجاوز هذا الأمر” أو “يجب أن أبقى قويًا” وتجاهل من يقولها لك. تذكّر أن الحزن والحداد على وفاة شخص قريب إلى قلبك هو شعور إنساني طبيعي تمامًا، وليس مدعاة للإحراج، قد تتضمن المشاعر التي ترافق الحزن على موت شخص عزيز:
- إنكار الموت.
- الصدمة أو تخدّر المشاعر.
- المفاخرة والحديث المتواصل حول كيف كان يمكن إنقاذ المتوفى.
- الشعور بالندم إزاء تصرّفات سابقة تجاه المتوفى.
- الاكتئاب.
- الغضب.
تقبّل هذه المشاعر بحيادية يعتبر نصف الحلّ ويسهم بشكل كبير في تلاشيها وتجاوزها بسرعة.
– خذ وقتك للتعافي من مشاعر الحزن:
من الطبيعي أن تسعى إلى إبعاد الحزن من خلال إشغال نفسك بأمور أخرى، وهو أمر جيّد بلا شكّ، لكنه قد لا يكون فعّالاً في بعض الأحيان. فالحزن والغضب لابدّ أن يتسلّلا مجددًا إليك، وكلّما تجاهلت هذه المشاعر أكثر، أخذت منك وقتًا أطول لتعالجها. لذا احرص في الأيام القليلة الأولى بعد حادثة الوفاة أن تأخذ ما يكفيك من الوقت لتتعامل مع هذه المشاعر، سواءً من خلال أخذ إجازة من عملك أو مدرستك أو جامعتك، أو من خلال تخصيص بعض الوقت لتقضيه مع العائلة والأصدقاء والحصول على الدعم منهم.
– فكر بطرق إيجابية تتذكّر بها الشخص الراحل:
-
ستسمع كثيرًا جملاً مثل: “الحياة لا تتوقف على أحد”، أو “لابدّ للحياة أن تستمرّ”، لكن هذا لا يعني أن تنسى هذا الشخص الراحل وكأنه لم يكن. احرص على أن تبقيه حيّا في ذاكرتك وقلبك من خلال استرجاع أوقاتك السعيدة معه، وتذكّر دومًا أنّ هناك سببًا وراء شعورك بالحزن على وفاته، ألا وهو أنه كان بالفعل شخصًا مميزًا ذا حضور إيجابي في حياتك، حاول ألاّ تنسى هذه الحقيقة في خضّم حزنك على موته.
– تقبّل المساعدة والعون من الآخرين:
-
قد لا تصدّق أحدهم عندما يقول لك: “ستنسى حزنك مع مرور الوقت”، لكن تذكّر أنّه يحاول مساعدتك وحسب. استمع إلى مشاعر الآخرين ولا تشعر بالغضب والاستياء إن لم تتفق معهم. من الصعب التعامل مع وفاة شخص عزيز، ولكنّ الأصعب هو التعامل مع الشخص الذي فقد عزيزًا. فالجميع من حوله سيتساءلون عمّا يجدر بهم فعله، وعن التصرّف الصحيح الذي يتعين عليهم القيام به، بيد أنّه لا يوجد شيء صحيح أو خاطئ، ويحقّ لك في النهاية أن تشعر بالألم والحزن.
قد يحاول الكثيرون مساعدتك على الخروج من حالة الحزن التي تعيشها من خلال إشغالك ببعض الأعمال المنزلية كالطبخ مثلاً، فلا تتضايق منهم وتقبل محاولاتهم على أنها طريقتهم الخاصة في التعبير عن حبهم لك وللشخص الراحل.في حال شعرت بأنك غير قادر على التعامل مع العدد الكبير من المعزّين أو أفراد العائلة الذين يحاولون مساعدتك، لا تتردّد في أن تطلب البقاء وحيدًا والحصول على بعض الوقت بمفردك، حتى تجد نفسك مستعدًّا لتخطّي الأمر.
-حكم الحزن على الميت في الاسلام :
الموت لا شكّ أنّ الموت مصيبة، بل هو من أعظم المصائب التي قد يصاب بها العبد لا سيما إن كانت مصيبة الموت بفقد أحد الأهل والأحبة، وممّا يخفّف ألم مَن ابتُلي بفقد عزيزٍ أو قريبٍ ما يأتي:
أولا: العلم بأنّ الموت حق، فقد كتبه الله -تعالى- على جميع خلقه من الإنس والجن، الكبير والصغير، والذكر والأنثى، حيث قال الله -تعالى-:
(وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ).
ثانيا: العلم بأنّ الدنيا دار ابتلاء ومصائب وشرور، فلا لذّة كاملة حقيقية فيها، حيث لا بدّ من كدر يعكّر صفو الحياة فيها، حيث قال الله -تعالى-:
(وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ).
ثالثا: استحضار الأجر الذي أعدّه الله -تعالى- لمن صبر واحتسب أجره عليه -سبحانه-، ومن ذلك ما دلّت عليه العديد من الأحاديث النبوية ومنها: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:
(إذا ماتَ ولَدُ العبدِ قالَ اللَّهُ لملائِكتِهِ قبضتم ولدَ عبدي فيقولونَ نعم فيقولُ قبضتُم ثمرةَ فؤادِهِ فيقولونَ نعم فيقولُ ماذا قالَ عبدي فيقولونَ حمِدَكَ واسترجعَ فيقولُ اللَّهُ ابنوا لعبدي بيتًا في الجنَّةِ وسمُّوهُ بيتَ الحمْدِ).
قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:
(ما مِن مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فيَقولُ ما أمَرَهُ اللَّهُ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156]، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي في مُصِيبَتِي، وأَخْلِفْ لي خَيْرًا مِنْها، إلَّا أخْلَفَ اللَّهُ له خَيْرًا مِنْها).
حكم الحزن على الميت:
لا يؤاخذ المسلم بحزنه حال أصيب بموت عزيزٍ عليه أو قريبٍ له، حيث أن الحزن من الأمور الفطرية التي جُبلت عليه النفس البشرية، وممّا دلّ على جواز الحزن على الميت حزن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على وفاة ابنه إبراهيم حيث قال:
(إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، والقَلْبَ يَحْزَنُ، ولَا نَقُولُ إلَّا ما يَرْضَى رَبُّنَا، وإنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ)، أمّا في حال رافق الحزن أمراً محرّماً نحو لطم الخدود، وشق الجيوب، ونتف الشعور فإنّه يحرم لاقترانه بفعلٍ محرمٍ، حيث قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: (ليسَ مِنَّا مَن لَطَمَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعَا بدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ)،
وتجدر الإشارة إلى ثلاثة أمور:
أوّلها: جواز البكاء على الميت إن لم يرافقه النياحة والندب وارتفاع الصوت فيه؛ لما ثبت عن أنس بن مالك – رضي الله عنه- قال: (شَهِدْنَا بنْتًا لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَالِسٌ علَى القَبْرِ، قالَ: فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمعانِ).
ثانيها: الحزن والبكاء على الميت لا يُنافي الصبر على قضاء الله تعالى وقدره والرضا به.
ثالثها: المدة التي يُسمح بها للمسلم بالحزن على الميت لا تزيد عن ثلاثة أيام..
-بعض الأدعية المأثورة للميت:
هناك العديد من الأدعية المأثورة التي يصح الدعاء بها للميت، ومنها ما يأتي:
ما ثبت عن واثلة بن الأسقع -رضي الله عنه- قال: (صلَّى بِنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ على رجلٍ منَ المسلمينَ فسمعتُهُ يقولُ اللَّهمَّ إنَّ فلانَ بنَ فلانٍ في ذمَّتِكَ فقهِ فتنةَ القبرِ – قالَ عبدُ الرَّحمنِ في ذمَّتِكَ وحبلِ جوارِكَ فقهِ من فتنةِ القبرِ – وعذابِ النَّارِ وأنتَ أهلُ الوفاءِ والحمدِ اللَّهمَّ فاغفر لهُ وارحمهُ إنَّكَ أنتَ الغفورُ الرَّحيمُ).
ما ثبت عن عوف بن مالك الأشجعي -رضي الله عنه- قال: (صَلَّى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى جِنَازَةٍ، فَحَفِظْتُ مِن دُعَائِهِ وَهو يقولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ له وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عنْه، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِن دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِن أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِن زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِن عَذَابِ القَبْرِ، أَوْ مِن عَذَابِ النَّارِ).